- التدوين يعني الكتابة .. حتى و إن كنت تكتب لنفسك :
أعشق الكلمات ! أعشق عندما ادون بلغة غنية بكلماتها ، لغة الضاد ليست كغيرها من اللغات ، بل تلاعب بالكلمات و مشاعر و أحاسيس تعبر عن ذاتها بذاتها عن طريق أحرف مدمجة ، لا يخفى عليك انني من عشاق اللغة العربية أكثر من اي لغة أخرى ، و احب حقا ان اكتب من حين لأخر على الورق ، لكن عالم الأرقام هذا يطرد الأوراق من ادمغتنا ، فكيف لنا ان نمارس ما نحب ؟ هنا يأتي التدوين ، التدوين كتابة قبل كل شيئ ، فالكتابة شغف . لا يخفى عليك انني في بعض الأحيان ادون فقط من أجل الكتابة و ليس من أجل اي شيئ اخر ، لا يخفى عليك أيضا انني أسعد كثيرا حين اجد كلماتي تقرأ من طرف الأخرين ، لكن حتى و إن لم يكن قراء لأحرف اكتبها بأنامل أصابعي ، فلا يهمني ، فأنا اولا و أخيرا .. أكتب !
- التدوين .. إستجماع للأفكار :
إن كنت تعتقد انني الآن لا أملك وقتا سوى للتدوين ، فأنت جد مخطئ ، فأنا ادون الآن لأريح أعصابي ، فقد مررت بأسبوع عصيب و أيام أسوأ ، أعمال من كل مكان تتهافت عليك ، وليس لدي وقت للتدوين ، لكن رغم ذلك ، فأنا ادون ، انا اريح أعصابي ، ربما يجد البعض ان التدوين مهزلة ، فتعامل مع التدوين كأنها كلمات سارية ، أكتب عبارتين و أنشر التدوينة و أجل قراء و زوار لموقع من أجل الربح ، هذه منهجيتنا حاليا ، لكن جرب صديقي المدون ( إن كنت مدون تقرأ تدوينتي هذه ) ان تجرب في أحد الأيام كتابة شيئ طويل نسبيا ، نعم نعم أعلم انك لا تجيد الكتابة على لوحة المفاتيح و اعلم ايضا ان صديقك على الفيسبوك يرسل لك رسائل و لا تجيبه ، لكن جرب يوما ان تختار موضوعا ما ، و تدون عليه بكل ما اوتيت من أفكار ، مع مرور الوقت ، ستدمن على التدوين المكثف ، و ستهرب دائما الى التدوين كلما ضاق بك الأمر . جرب الأمر صديقي ، فهذه نصيحتي لك ، و أسأل مجربا و لا تسأل طبيبا ! .
- الإرتجال يكتسب مع التدوين :
ربما سقطت يوما في ذلك الموقف المحرج الذي يسألك فيه شخص ما سؤالا ربما قد يكون لا إجابة له من أساسه ، و ما هدف الشخص من ذلك السؤال سوى إحراجك ، لنطور الأمر قليلا ، ماذا ان كان رب عملك او استاذك مثلا قد طرح عليك إستفسارا او اراد مناقشتك في موضوع ما ، ربما " لا أعرف " أقصر طريق من أجل تجنب صداع الرأس ذاك ! ، لكنك لم تثبث للأستاذ او رب عملك أي شيئ سوى انك واحد من ألف شخص متشابهين كما لو تم نسخهم ، حسنا ، دعني اقول لك ان الكتابة ( و شرحنا ان الكتابة هي التدوين ) اي ببساطة سأخبرك ان التدوين سيطور مداركك و ردود أفعالك في مواقف تتطلب من التفكير السريع و الإجابة المتقنة ، إنه مبدأ الإرتجال ، ان تفكر بسرعة و تعبر عن رأيك في ذلك الموضوع ببلاغة مؤكدة و عبارات غنية و تلاعب كلمات متقن ، سيجعل رب عملك او استاذك او الشخص الذي سألك يقدرك و يقدر أفكارك ، و سيراك من ناحية الشخص الوحيد من الف شخص الغير التابع للقطيع .
- التواصل :
أبدأ في التفكير من حين لأخر انني وحيد أجلس على لوحة مفاتيح لساعات ، لا ازيح ناظري عن شاشة الحاسوب ، ربما أشعر بالغربة قليلا حينها ، حتى اجد ذلك التعليق الجميل على احد كتاباتي ، فأتذكر ان هناك اشخاص مثلي يجلسون على لوحة المفاتيح أيضا ، ربما هم ليسو في وضعية تسمح لهم بالكتابة ، لكن تسمح لهم بالتعليق ، ربما أراد ان يتواصل معي بذلك التعليق ، فأبدأ بإجابته و مشاركة الأفكار ، كلنا نتواصل على المواقع الإجتماعية بالطبع ، ربما عن مواضيع تافهة في الغالب ، او تثقيفية أحيانا او ربما مضحكة و مسلية غالبأ ، لكن ان تحصل على تواصل من موقعك حول موضوع إخترته انت و أعجب الأخر ، فهنا ستشعر انك حقا تحتاج الى ان تكتب اكثر و أكثر ، و أن تدون أكثر و أكثر ، حتى تتواصل أكثر و أكثر ، ربما المدونون سيعرفون عن ماذا اتحدث هنا .
- كلمات تعبر عن ذاتها :
انا لا أخبرك في كل موضوع عن شرح لأداة ما و أعطيك رابط تحميلها و أنهي موضوعي ، كثيرة هي المدونات التي تقوم بذلك ، و سأخبرك بكل جرأة ان ذلك ليس تدوينا ، ذلك تسويق لموقعك و لمواد تنشرها عليه ، التدوين أمر مختلف تماما ، دع الكلمات تعبر عن ذاتها ، أكتب ما يدور في خلدك دائما ، و دع الكلمات تستحوذ على عقلك ، انت تكره قراءة المواضيع الطويلة لأنك لا تحب القراءة من أساسه ، اعي هذا تماما ، و اعي أيضا انك تكره كتابة المواضيع الطويلة لأنك لا تملك الكلمات الجميلة المعبرة عما تريد قوله ، و ذلك عائد بالطبع لقلة قراءتك للمواضيع او كتابتها ، لذلك أنت ضائع دائما بين كلمات هجينة بسيطة قد تمكنك من كتابة موضوع حول " رحلتك للذهاب الى عالم الألعاب " و غير قادرة على كتابة موضوع اساسه " الغاية تبرر الوسيلة " ، هذا لأن كلماتك لا تعبر عن ذاتها ، لأن كلماتك .. ضعيفة ، و القراءة أفضل علاج لمرضك هذا ، لا أخبرك ان تقرأ كتابا مثل " مقدمة إبن خلدون " ، بل أخبرك فقط أن تقرأ مواضيع مفيدة من حين لأخر ، لهذا سيفيدك كمدون ، و ستعبر حينها عن ذاتك في التدوينات ، و حينها لن تحتاج لقراء لتدويناتك ، بل ستقرأها انت بذاتك .